للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والإنسان لا يدري ماذا يموت عليه، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: "إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب؛ فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها" (١)، وإذا كان الأمر كذلك وجب أن يقول: إن شاء الله.

وهذا الوجه ليس بصحيح وليس بعلة؛ لأن الإنسان إنما يتكلم عن حاضره، وحاضره يعلم أنه مؤمن، والمستقبل علمه عند الله، نعم لو قال: سأموت على الإيمان، قلنا له: قل إن شاء الله، لكن المأخذ الصحيح أنه إذا قال: أنا مؤمن وجزم فإن في ذلك نوعًا من تزكية النفس، وقد قال الله تعالى: {فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ} [النجم: ٣٢]، ولهذا نقول له: مقتضى جزمك بالإيمان، أنك جازم بأنك من أهل الجنة فشهدت لنفسك بأنك من أهل الجنة، ولا يشهد بالجنة لأحد بعينه إلا من شهد له الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وحينئذٍ لابد أن تقول: إن شاء الله، وليس لأجل أنك لا تدري ماذا تموت عليه، لكن من أجل أن لا تزكي نفسك فيلزم من تزكيتك إياها أن تشهد لها بالجنة وهذا ممنوع.

وفصَّل بعض العلماء في هذه المسألة فقال: قد يكون الاستثناء حرامًا، وقد يكون واجبًا، وقد يكون جائزًا باعتبارات، فإذا كان الإنسان يقول أنا مؤمن إن شاء الله يريد بذلك التبرك أو بيان أن ما حصل من الإيمان كان بمشيئة الله فهذا جائز.


(١) رواه البخاري، كتاب بدء الخلق، باب ذكر الملائكة، رقم (٣٢٠٨). ورواه مسلم، كتاب القدر، باب كيفية خلق الآدمي في بطن أمه وكتابه، رقم (٢٦٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>