للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والاستثناء بالمشيئة في الأمر الواقع جائز شرعًا، قال الله تعالى: {لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ} [الفتح: ٢٧]، فقال: إن شاء الله مع أنهم سيدخلونها كما قال النبي عليه الصلاة والسلام لعمر بن الخطاب: "إنك آتيه، ومطوف به" (١) في صلح الحديبية، وفي زيارة المقابر يقول الإنسان: "وإنا إن شاء الله بكم لاحقون" مع أن لحوقنا بهم مؤكد لكن هذا من باب بيان أن لحوقنا بهم مقرون بمشيئة الله.

وإن كان الحامل على الاستثناء الشك، حرم أن يستثني، إذا قال: إن شاء الله لأنه متردد، فهذا حرام؛ لأن الشك في الإيمان منافٍ للإيمان، إذ أن الإيمان لابد أن يكون جزمًا، ولكن الحذر الحذر أن يتلاعب الشيطان بالمؤمن في مسألة الوساوس التي كثر الشَّاكُون منها من الذين منَّ الله عليهم بالإقبال إلى الله، فلما أقبل الشباب إلى الله صار الشيطان يأتيهم بالوساوس وبالشكوك؛ لأجل أن يخلخل إيمانهم، ولكن هذا -والحمد لله- كيد كائد لمن كاد به كما جاء في الحديث: "الحمد لله الذي ردَّ كيده إلى الوسوسة" (٢)، وأخبر النبي عليه الصلاة والسلام أن هذا صريح الإيمان، هذا صريح الإيمان: يعني خالصه الذي ليس فيه شبهة، وقد أخبر النبي عليه الصلاة والسلام بعلاج ذلك فقال: "لا يزال الناس يتساءلون: من خلق كذا، من خلق كذا، حتى يقولوا: من


(١) رواه البخاري، كتاب الشروط، باب الشروط في الجهاد والمصالحة مع أهل الحرب، رقم (٢٧٣٤).
(٢) رواه أبو داود، كتاب الأدب، باب في رد الوسوسة، رقم (٥١١٢). ورواه أحمد في مسنده، رقم (٢٠٩٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>