للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عيسى صار هو القتيل، وهذا القول أقوى من حيث إن فيه مكرًا بهؤلاء عظيمًا.

أما القول الثاني: فيقولون: إن عيسى عليه الصلاة والسلام لما أحسّ بأنهم دخلوا عليه ليقتلوه قال لأحد أصحابه: من يقبل أن يلقي الله عليه شبهي فأضمن له الجنة، فانتدب واحدًا منهم لذلك، وألقى الله شبهه عليه، وقيل: بل ألقى الله شبهه على جميع من كانوا مع عيسى حتى إن هؤلاء القوم لما دخلوا كان كل واحد يقول: أيكم عيسى، أيكم عيسى، أيكم عيسى، لم يعلموه.

هذان قولان رئيسيان، القول الأول: أن الشبه ألقي على زعيم القوم الذين جاءوا ليقتلوه فقتل، والقول الثاني: أنه على رجل من أصحاب عيسى، ثم هل ألقي الشبه على الجمع فاشتبه على الذين دخلوا، أو أنه ألقي على واحد منهم؟ فيه أيضًا قولان، والمسألة ليست فيها نصٌّ عن النبي المعصوم عليه الصلاة والسلام فالله أعلم، لكن قوله تعالى: {وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ} [النساء: ١٥٧]، قد يؤيد القول الأخير أنه صار كل واحد مِن الذين مع عيسى يشبه عيسى، فاشتبه عليهم من هو عيسى.

المهم أن هذا هو مكرهم أنهم جاءوا إلى عيسى عليه الصلاة والسلام ليقتلوه على وجه لا يشعر بذلك؛ أما مكر الله بهم فهو أنه ألقى الشبه إما على واحد منهم أو من أتباع عيسى فقتلوه، فظنوا أنهم قتلوا عيسى وصاروا يعلنون: قَتَلْنا عيسى وصلبناه، وهم لم يقتلوه ولم يصلبوه.

وفي قول الله عزّ وجل: {وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ}، فيها من صفات الله إثبات المكر لله عزّ وجل، والبحث في هذا أولًا: هل

<<  <  ج: ص:  >  >>