للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٦ - إثبات منقبة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أسري به إلى السموات السبع حتى اخترقها كلها وهو يقظان، وعيسى لم يُرفع إلا وهو نائم؛ لأن قوله: {إِنِّي مُتَوَفِّيكَ} أي: منيمك على أحد الأقوال وهو أقربها، ومعلوم أن ثبات قلب من يباشر الشيء وهو يقظان أقوى من ثبات من يباشره وهو نائم. ولهذا تجد بعض الناس إذا سمع الرعد الشديد والبرق الخاطف يغمض ويضع إصبعيه في أذنيه حتى لا يسمع ويقول: ليتني نمت قبل هذا، والإنسان الثابت الذي يقول: لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا، تجده لا يهتم.

المهم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أسري به يقظة بروحه وبدنه، وعيسى عندما أراد الله أن يرفعه أنامه.

٧ - منقبة لعيسى أخرى حيث قال: {وَرَافِعُكَ إِلَيَّ}، فأضاف رفعه إلى نفسه عزّ وجل، وهذا لا شك أنه منقبة أن الله ضمَّه إليه ورفعه إليه، ليكون أقرب إليه مما لو كان في الأرض.

٨ - أن الله عزّ وجل منع الأذى عن عيسى الذي يمكن أن يلحقه من الكفار حيث قال: {وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا}، وذلك بالدفاع عنه، فإن الذين كفروا قالوا: إنه ولد زنا، قاتلهم الله، فطهره الله لما قالوا: {قَالُوا يَامَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا (٢٧) يَاأُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا} [مريم: ٢٧، ٢٨]، من أين جاءك الزنا؟ ! لأن هذا تعريض، يقولون: أبوك ما كان امرأ سوء بل هو نزيه وأمك كذلك فمن أين جاءك الزنا؟ أعوذ بالله. لم تجاوبهم بل أشارت إليه: اسألوا الطفل، قالوا: {كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا} [مريم: ٢٩] فأجابهم قبل أن يسألوه، ماذا

<<  <  ج: ص:  >  >>