حقائقها، لأن الله يقول:{وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا}[طه: ١١٠]، فمن زعم أن آيات الصفات من المتشابه على سبيل الإطلاق فقد أخطأ، والواجب التفصيل فنقول: إن أردت بكونها من المتشابه تشابه الحقيقة التي هي عليها فأنت مصيب، وإن أردت بالمتشابه تشابه المعنى وأن معناها مجهول لنا فأنت مخطئ غاية الخطأ، وقد ذهب إلى هذا من قال: إن آيات الصفات وأحاديثها مجهولة لا نعلمها، لا يعلمها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا أبو بكر ولا عمر ولا عثمان ولا علي ولا ابن مسعود ولا ابن عباس ولا فقهاء الصحابة ولا فقهاء التابعين ولا أئمة الإسلام، كلهم لا يدرون معناها، نقول لهم: ما معنى استوى على العرش؟ فيقول: الله أعلم، ما معنى {يَدُ اللَّهِ}[المائدة: ٦٤]، {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ}؟ [المائدة: ٦٤] يقول: الله أعلم، ما معنى {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ}؟ [الرحمن: ٢٧] يقول: الله أعلم. فكل ما يتعلق بصفات الله يقول: الله أعلم. والغريب أن هذا القول في غاية ما يكون من السقوط، وإن كان بعض الناس يظن أنه مذهب أهل السنّة أو أنه مذهب السلف، حتى أدّى بهم الأمر إلى هذه الكلمة الكاذبة:(طريقة السلف أسلم، وطريقة الخلف أعلم وأحكم). وهذه القضية من أكذب القضايا؛ أن تكون طريقة السلف أسلم، وطريقة الخلف أعلم وأحكم، لكن نقول: طريقة السلف أسلم وأعلم وأحكم.
فمن الناس من يظن أن مذهب السلف هو التفويض، أي: عدم معرفة المعنى وعدم الكلام به، حتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على زعمهم يقول: "يضحك الله إلى رجلين أحدهما يقتل الآخر،