للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أدنى شك، ولا يمكن أن نقول إنه من المتشابه خلافًا لمن زعم أن آيات الصفات من المتشابه، ولهذا قالوا: إنها من المتشابه وإن فَرْضَنا نحوها أن نمرها دون أن نتعرض لمعناها، وهذا خطأ، بل نقرأ آيات الصفات ونتعرض لمعناها، ونسأل عن معناها، لكن لا نسأل عن الكيفية. نسأل ما معنى {اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} [الأعراف: ٥٤] لكن لا نسأل كيف استوى .. فهنا (يد الله) هذه اليد حسية يأخذ بها ويقبض عزّ وجل. ولكن لا نسأل عن كيفيتها.

فإن قال قائل: إنه جاء في حديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله خلق آدم على صورته" (١)، وفي رواية: "على صورة الرحمن" (٢)، وهذا يقتضي أن تكون صفات الله كصفات المخلوق، فوجهه كوجه المخلوق، ويده كيد المخلوق، وعينه كعين المخلوق، وساقه كساق المخلوق، وقدمه كقدم المخلوق، فما الجواب؟

الجواب على ذلك: أن هذا لا يمكن أن يكون مراد الحديث؛ لأنه لو كان هذا مراد الحديث لكان تكذيبًا لقوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى: ١١]، وخبر الله ورسوله لا يتكاذب بل يصدق بعضه بعضًا، فإذا كان كذلك فالجواب أن نقول:

أ - لا يلزم من كون آدم على صورة الله أن يماثله، فقد يكون الشيء على صورة الشيء من حيث العموم لا من حيث التفصيل. ويدل لهذا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أخبر أن أول زمرة تدخل الجنة


(١) رواه مسلم، كتاب البر والصلة والآداب، باب النهي عن ضرب الوجه، رقم (٢٦١٢).
(٢) أخرجه الهيثمي، في الزوائد، باب النهي عن تقبيح الوجه (٢/ ٨٣١)، رقم (٨٧٢). ورواه الطبراني في الكبير (١٢/ ٤٣٠)، رقم (١٣٥٨٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>