للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على صورة القمر ليلة البدر (١). وهل يلزم من ذلك أن يكونوا مثل القمر؟ . أبدًا لكن من حيث الإجمال على صورة القمر وإلا فليس للقمر أنف، وليس له عين، وليس له فم، وأهل الجنة لهم أنوف وأعين وأفواه. وهذا وجه قوي جدًّا ويبقي النص على ظاهره.

ب - والوجه الثاني أن نقول: إن الله خلق آدم على صورة الرحمن أي على الصورة التي اختارها الله عزّ وجل كما لو قلت: هذا الباب صنعه فلان يعني هو الذي صنعه. فالله هو الذي صور آدم، وإضافة صورة آدم إلى الله تقتضي التشريف، ولذلك جاءت هذه الجملة في بعض الأحاديث تعليلًا للنهي عن ضرب الوجه وتقبيح الوجه لأن آدم خلق على صورة الرحمن (٢). فإذا ضربت الوجه الذي خلقه الله عزّ وجل واختار هذه الصورة له؛ فإن ذلك الضرب قد يخدشه ويغيره، وإذا قبحت الوجه فقلت: ما أقبح هذا الوجه، فإن هذا أيضًا قدح في الصورة التي خلقها الله عزّ وجل واختارها لهذا الوجه. وعلى هذا فيكون إضافة الصورة إلى الله من باب إضافة المخلوق إلى خالقه كقوله: ناقة الله، وبيت الله، ومساجد الله وما شابه ذلك .. فحينئذٍ تبقى النصوص -ولله الحمد- سليمة لا تتناقض ولا تتعارض. فاليد ثابتة لله على الوجه اللائق به من غير مماثلة، نجزم ونعلم علم اليقين أنه لا مماثلة بين صفات الخالق وصفات المخلوق.


(١) رواه البخاري، كتاب بدء الخلق، باب ما جاء في صفة الجنة وأنها مخلوقة، رقم (٣٢٤٦). ورواه مسلم، كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب أول زمرة تدخل الجنة على صورة القمر، رقم (٢٨٣٤).
(٢) تقدم تخريجه (ص ٤١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>