للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إذا كان لا يُنقص المال الكثير شيئًا مع أن المال الكثير إذا أخذ منه الشيء القليل لا يتبين، فائتمانه بالمال القليل من باب أولى.

والقسم الثاني: من هو خائن لو ائتمنته على أقل القليل، على وحدة من النقود، فإنه لا يؤديها إليك إلا إن كنت قائمًا عليه مراقبًا له، فحينئذٍ تسلم من شره، وإلا فإنه يمكن أن ينقص الواحد من الدنانير، وإن ائتمنته على أقل من دينار فكذلك لا يؤده، وعلى أكثر من باب أولى.

ثم قال الله عزّ وجل معلِّلًا خيانتهم للأمانة: {ذَلِكَ} أي ما ذُكر من خيانتهم.

{بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا} الباء هنا للسببية، أي أن عدم أمانتهم بأنهم قالوا، أي بسبب قولهم: ليس علينا في الأُمِّيّين سبيل .. (الأميون) هم العرب وسُمُّوا أميين نسبة إلى الأم. والإنسان الأمِّي هو الذي لا يقرأ ولا يكتب، قال الله تعالى: {وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ} [البقرة: ٧٨] يعني لا يعلمونه إلا قراءة، أما الأمي في الأصل فهو الذي لا يقرأ ولا يكتب. وبهذا كان العرب لا يقرؤون ولا يكتبون إلا بعد أن بعث الرسول - صلى الله عليه وسلم - .. فكانت لهم القراءة والكتابة .. الأمية عيب ذكرها الله بصفة القدح، فقال: {وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ} [البقرة: ٧٨] وأشار إليها أيضًا في قوله: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} [الجمعة: ٢].

والضلال لا أحد يرى أنه مدح، ولكنها بالنسبة للنبي - صلى الله عليه وسلم - تزكية؛ لأن كونه أميًّا ويأتي بهذا الكتاب العظيم يدل على أنه

<<  <  ج: ص:  >  >>