للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

صادق؛ لأن الأمي لا يمكن أن يأتي بمثل هذا الكتاب، كما قال تعالى: {وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ} [العنكبوت: ٤٨] ونحن أمة أمية كما قال النبي عليه الصلاة والسلام (١)، ولكن بعد أن فتح الله علينا، وآتانا العلم والحكمة صرنا أمة علمية لا أمة أمية.

وإذا قال قائل: هذا ينتقض عليك؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال: "إنا أمة أمية" في المدينة بعد أن نزل عليه الكتاب .. نقول: نعم هو قاله باعتبار الهلال .. ونحن باعتبار الهلال حتى بعد الفتوحات أمة أمية لا ندري عن حساب الأهلة ولا نعرفها.

وقال بعض المفسرين: المراد بالأميين من سوى أهل الكتاب. فيكون المراد بالأمي من ليس له كتاب، ويكون هؤلاء اليهود والنصارى يقولون: كل الناس سوى أهل الكتاب ليس علينا فيهم سبيل؛ لنا أن نظلمهم، نأخذ أموالهم، نقتلهم، نسبي نساءهم، لأننا نحن المختارون عند الله وغيرنا عبيدٌ لنا، والإنسان يفعل في عبيده ما شاء، ولهذا تقول اليهود: إنهم شعب الله المختار. ولكن الله اختارهم على عالَمِي زمانهم، ولم يشكروا هذه النعمة.

{فِي الْأُمِّيِّينَ} من نظر إلى الآية وأنها في سياق الائتمان على المال قيَّد هذا بأنه {لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ} فيما يتعلق بالمال. ومن نظر إلى العموم قال إنها تشمل أنهم يدعون أنهم لا سبيل عليهم في الأميين في أموالهم ودمائهم .. وهذا المعنى


(١) رواه البخاري، كتاب الصوم، باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا نكتب. . ."، رقم (١٩١٣). ورواه مسلم، كتاب الصيام، باب وجوب صوم رمضان لرؤية الهلال والفطر لرؤية الهلال، رقم (١٠٨٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>