للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالصَّالِحِينَ} [النساء: ٦٩] وإما أن تكون الواو مسهلة وأصلها النبوءة فتكون مأخوذة من النبأ، وهو الخبر، وذلك لأن الرسول مُنَبأ ومنبِئ، منبأ من قبل الله عزّ وجل، ومنبئ لمن أرسل إليهم يخبرهم ويبشرهم وينذرهم.

وقوله: {ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ}، هذا هو الممتنع، وهو الذي انصب عليه النفي، أي ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب بالرسالة والحكم بين الناس بهذا الكتاب والنبوة أي الرفعة ثم بعد ذلك يقول للناس: كونوا عبادًا لي من دون الله. أي: كونوا متعبدين لي، اعبدوني من دون الله، اعبدوني بالطاعة، اسجدوا لي، اركعوا لي، انذروا لي، وما أشبه ذلك، هذا لا يمكن؛ لأن من آتاه الله الكتاب والحكم والنبوة إنما جاء لضد هذه الأشياء، ليمحق هذا الشيء، لا ليدعو الناس إليه.

وقوله: {كُونُوا عِبَادًا لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ}، إذا قال قائل: هل المراد اعبدوني ولا تعبدوا الله؟ أو المراد اعبدوني وإن عبدتم الله؟ المسألة إما أن يكون الإنسان عابدًا لله وحده أو عابدًا لغيره، أو عابدًا معه غيره .. أما العابد لله وحده، فهذا مخلص، والعابد لغير الله دون الله هذا مشرك، أو نقول: مستكبر عن عبادة الله ومتعبد لغيره .. والعابد لله ولغيره هذا مشرك، فتقول: من دعا الناس إلى عبادته وحده دون الله فهذا قد دعاهم إلى عبادته دون الله، ومن دعا الناس إلى عبادة نفسه ولم ينههم عن عبادة الله فإن حقيقة دعوته أنه دعا الناس ليعبدوه دون الله؛ لأن الله غني عن عبادة هؤلاء. فإذا أشركوا بالله غيره تمحضت العبادة لغير الله؛ لقول الله تعالى في الحديث القدسي: "أنا أغنى الشركاء عن

<<  <  ج: ص:  >  >>