للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المعصية. ومن الثاني قوله تعالى: {أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لَا يَسْتَوُونَ (١٨) أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوَى نُزُلًا بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (١٩) وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا} [السجدة: ١٨ - ٢٠] المراد بالفسق: فسق الكفر؛ لأنه جاء في مقابل الإيمان، جاء قسيمًا للإيمان. وقسيم الشيء غير الشيء، فأما قوله تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [المائدة: ٤٧] فهل هو فسق كفر أو فسق معصية؟ قيل: معصية، وقيل: كفر، وقيل بالتفصيل.

ثم قال: {أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ}:

الدين يطلق على الجزاء وعلى الشرط، يعني على العمل وجزائه.

فمن إطلاقه على الجزاء قول الله تبارك وتعالى: {إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ (١٣) وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ (١٤) يَصْلَوْنَهَا يَوْمَ الدِّينِ (١٥) وَمَا هُمْ عَنْهَا بِغَائِبِينَ (١٦) وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ (١٧) ثُمَّ مَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ (١٨) يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئًا وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ (١٩)} [الانفطار: ١٣ - ١٩].

وقال تعالى في سورة الفاتحة: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (٤)} [الفاتحة: ٤] الدين هنا بمعنى الجزاء.

ومن إتيان الدين بمعنى العمل والشريعة قوله تعالى: {لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ (٦)} [الكافرون: ٦] وقوله تعالى: {وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: ٣] أي شريعة. وهنا {أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ} دين الله يعني شريعته التي شرعها لعباده، وأضافها الله لنفسه، بيانًا لأهميتها، وأنها الشريعة العادلة النافعة التي لا يقوم الخلق إلا بها؛ لأنها شريعة الله، فهي أكمل الشرائع. وأضافها

<<  <  ج: ص:  >  >>