للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لنفسه أيضًا لأنه الذي شرعها. أحيانًا يضاف الدين إلى العامل مثل قوله: {لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ} [الكافرون: ٦] أصلها (ولي ديني) فيضاف إلى العامل باعتبار أنه أخذ به وتمسك به، ويضاف إلى الله باعتبار أنه هو الذي شرعه ووضعه لعباده.

وقوله: {يَبْغُونَ} أي يطلبون. وهذا الاستفهام للإنكار والتوبيخ. ينكر على من يطلب غير دين الله ويوبخه. وفيها قراءة "تبغون" (أفغير دين الله تبغون) قراءة سبعية، وعلى هذا يحسن أن نقرأ أحيانًا (أفغير دين الله تبغون) وأحيانًا نقول: {أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ} إلا إذا كنا بحضرة عوام فلا نقرأ القراءتين وإنما نقرأ عندهم ما يعرفون؛ لأنك لو قرأت عند العامة بالقراءتين لتسلطوا عليك من جهة، ولَانْحَطَّ قدر القرآن في أعينهم من جهة أخرى، ولأجلبوا عليك بالخيل والرجل، وقالوا: ما بقي عليك إلا أن تغير القرآن، ولتحسَّبوا عليك ليلًا ونهارًا. فإذن لا تقرأ بغير ما يعرفون. أما فيما بينك وبين الله فاقرأ هذا أحيانًا، وهذا أحيانًا، بشرط أن تكون متيقنًا لهذه القراءة، لأن هذا كلام الله فلابد أن تتيقن.

قال: {وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ}:

الواو هذه للحال، يعني والحال أنه أسلم له من في السموات والأرض طوعًا وكرهًا "أسلم" إسلامًا كونيًا ليس إسلامًا شرعيًا؛ لأن الإسلام الشرعي ليس فيه إكراه؛ ولأن الإسلام الشرعي لا يعم من في السماء والأرض بل يعم من في السماء، ولا يعم من في الأرض وقوله: {وَلَهُ أَسْلَمَ} أي انقاد انقيادًا كونيًا، وإنما قال: {وَلَهُ أَسْلَمَ} بعد قوله: {أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ} لإقامة الحجة على من لم يسلم لله شرعًا ولم يتبع دينه.

<<  <  ج: ص:  >  >>