١ - أن من ابتغى غير دين الله، ولو في التنظيم، وما يسمى بالقانون، فإنه مستحق لهذا التوبيخ العظيم. ويدل لذلك قوله تعالى في سورة المائدة، وهي من آخر ما نزل:{أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ}[المائدة: ٥٠]، وحكم الجاهلية: كل ما خالف حكم الشرع، فهو حكم جاهلية؛ لأن حكم الشرع مبني على علم، وما سواه مبني على جهل. وهذا في غاية ما يكون من التوبيخ والتقريع أن تبتغي حكمًا جاهليًا وتدع حكم العليم الخبير، {وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ}، وبه نعرف أن من ابتغى حكمًا غير حكم الله فهو من أضل عباد الله، وأسفه عباد الله، وأخسر عباد الله، وأنه لن تصلح له أمور دينه ولا دنياه والعياذ بالله.
٢ - أن من شرط صحة العمل وقبوله أن يكون موافقًا لشرع الله، وجهه أن الله أنكر على من بغى دينًا غير دين الله، ولهذا كان من شرط العبادة الإخلاص لله، وموافقة شريعة الله.
٣ - تشريف هذا الدين الذي شرعه الله؛ لأن الله أضافهُ إلى نفسه فقال:{أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ}.
٤ - إقامة الحجة على أنه لا يليق بالإنسان أن يبغيَ دينًا غير دين الله وهو مربوب مملوك لله؛ لقوله:{وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا}. وقد تقدم أن هذه الجملة يحتمل أن تكون حالية، ويحتمل أن تكون استئنافية.