أَتَّبِعْهُ} [القصص: ٤٩]. فقرنها الله مع القرآن. هذه التوراة نزلت على موسى، وهذا إيتاء الوحي، وأما إيتاء الآيات، فمن أعظم ما حصل له العصى واليد، وقد حصل في العصا ثلاث آيات عظيمة:
ألقاها على سحرة آل فرعون فالتهم جميع حبالهم وعصيِّهم، فالتهمها التهامًا، وهي ثعبان، والحبال والعصي قد ملأت الأرض، ومع ذلك هذا الثعبان يأكلها، ولا يُدرى أين تذهب؛ لأنها أكبر منه حجمًا، ولكن مع ذلك -قدرة الله فوق كل شيء- ولم يتماسك السحرة لما رأوا هذه الآية العظيمة، حتى خرُّوا ساجدين. {وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ}[الأعراف: ١٢٠]. في كلمة {أُلْقِيَ} انظر كلمة ألقي كأنهم جاءوا وسجدوا من غير عقل، لقوة ما ورد على قلوبهم من الآيات التي يعرفون أنها ليست سحرًا.
والآية الثانية في العصى: أنه ضرب بها البحر فانفلق، صار اثني عشر طريقًا، بين كل طريق وآخر كُتَلٌ من الماء كأنها جبال، كل جبل كالطود العظيم. وقد ذكر بعض العلماء أن الله جعل في هذا الماء فُرجًا من أجل أن يطمئن الناس بعضهم إلى بعض، يُشاهد بعضهم بعضًا مَن هذه الفرج .. هذا الماء الذائب المائع كأنه مسلح، وبلحظة {فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا}[طه: ٧٧].
لو اجتمعت نيران الدنيا كلها لتيبس أرض البحر في هذه اللحظة ما تمكنت، أو رياح الأرض كلها، أو المخترعات، ما تمكَّنت، ولكن قدرة من يقول للشيء "كن" فيكون، جعلت هذا أمرًا ممكنًا واقعًا.
الثالث من الآيات العظيمة للعصى: أنهم إذ استسقوا، يعني حصل عليهم نقص في الماء، ضرب موسى الحجر بهذه العصا