فمن العلماء من قال: إنه شرعٌ لنا، ومنهم من قال: إنه ليس بشرع، والصحيح أنه شرع لنا، لدلالة شرعنا عليه. قال الله تعالى:{أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ}[الأنعام: ٩٠].
وقال تعالى:{لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ}[يوسف: ١١١] .. وكذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - أحيانًا كان يُسند الحكم إلى أنه فعله أخي فلان من الأنبياء، وما أشبه ذلك، والمعنى يقتضي ذلك أيضًا، لأنه لولا أن لنا فائدة من قصص الأنبياء السابقين -ومن الفوائد أن نعتبر ونعمل بما عملوا- لم يكن لذكر هذه القصص شيء من الفائدة كثير.
وقوله:{لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ} في الإيمان؛ لأنهم رسلٌ صادقون فيما أخبروا به، واجبٌ اتباعهم فيما أمروا به أو نهوا عنه، لكن بالنسبة لنا لا يجب علينا متابعتهم في الأحكام على التفصيل الذي سمعتم.
قال:{وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ}:
الضمير يعود على الله {قُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ} لأنه الأصل في سياق هذا الكلام، وكل ما بعدها معطوف عليها، فلو قال قائل: لماذا لا تجعل الضمير يعود على (أحد) في قوله {لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ} لأنه أقرب مذكور، أي ونحن لهذا الأحد مسلمون؟ قلنا: لا يستقيم الكلام؛ لأن أصل الكلام مداره على أول جملة فيه {آمَنَّا بِاللَّهِ} فيكون مرجع الضمير {وَنَحْنُ لَهُ} إلى الله عزّ وجل. يعني: ونحن لله مسلمون، أي: مستسلمون ظاهرًا وباطنًا،