للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْحَوَايَا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ} [الأنعام: ١٤٦] هذا ما اختاره صاحب المنار، لكن هذا الرأي ضعيف؛ لأن الله فرَّق بين بني إسرائيل وإسرائيل فقال: {حِلًّا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَّا مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ} [آل عمران: ٩٣] ولم يقل: إلا ما حرموا على أنفسهم. ثم إنه يرد عليه إشكال آخر، بأن بني إسرائيل لم يحرموا على أنفسهم شيئًا، وإنما حرم عليهم شيء بسبب ظلمهم. والأصل أن الشيء إذا أضيف فهو لما أضيف إليه مباشرة لا تسببًا، فالصحيح أن المراد بإسرائيل علم الشخص. لكن ما الذي حرم؟ هذا الذي نتوقف فيه؛ لأن الله تعالى أبهمه، والواجب أن نبهم ما أبهمه الله، ونقول: إن إسرائيل عليه الصلاة والسلام حرم على نفسه شيئًا أو أشياء ولكن لا نعلمها، حتى يأتينا خبرها عن طريق معصوم.

وقوله: {إِلَّا مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ} معناه أن هذا أمر متقرر من قديم الزمان، وبين إسرائيل وبين نزول التوراة دهور طويلة، وأزمان كثيرة. لكن الله أراد أن يقرر بأن التحريم -أي تحريم ما أحل- كان سابقًا متقدمًا بكثير على التوراة.

وقوله {تُنَزَّلَ} فيها قراءتان: (تُنَزَّل) بتشديد الزاي و (تُنْزَل) بالتخفيف، وكلتا القراءتين سبعيتان، يعني أنه يجوز أن نقرأ بهذه وهذه. والقاعدة في القراءتين أن السنة أن تقرأ بهذه مرة، وبهذه مرة؛ لأن كلتا القراءتين ثبتت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فإذا قرأت بواحدة، وهجرت الأخرى، لم تأت بالسنة كاملة. بل اقرأ بهذا مرة، وهذا مرة، لكن بشرط أن تكون متأكدًا من القراءة؛ لأن القرآن كلام الله. فلو قرأت شيئًا لم تتأكد، وكان على خلاف ما

<<  <  ج: ص:  >  >>