للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أنزل الله، كنت مفتريًا على الله كذبًا. الشرط الثاني: أن لا يحصل في ذلك تشويش. فإن حصل في ذلك تشويش، كما لو قرأت بقراءة ثانية عند العامة الذين لا يعرفون إلا ما في مصاحفهم، فإن ذلك حرام، لا يجوز، لأنه يؤدي إلى تشكك العامة، وإلى رميك أنت بالسوء، تقول: هذا الرجل يحرف كلام الله، يقرأ بغير ما أنزل الله، فتكون عرضة لسبِّ الناس، واغتيابهم، فإياك، ورحم الله امرأ كفَّ الغيبة عن نفسه. أما فيما بينك وبين نفسك فاقرأ بها، اقرأ بالقراءة الثانية إذا كنت متقنًا لها وعارفًا بها. وكذلك إذا كنت بين طلبة علم، حتى يعرفوا القراءات وينتفعوا بها.

أما بالنسبة للفرق بين "تُنَزَّل" و"تُنْزَل" فلا فرق، لأن التوراة نزلت جملة واحدة، سواء قيل تُنَزَّل أو تُنْزَل أما القرآن فإنه نزل مفرقًا، فإذا جاء "نَزَّلْنا عليك" فالمراد نزوله شيئًا فشيئًا، وإذا قيل: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} [القدر: ١] فالمراد: يعني ابتدأنا إنزاله. وإذا قيل: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ} [النحل: ٤٤] فباعتبار أنه سيكون تامًا، وبتمامه يكون قد نزل كله.

{مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ}. {التَّوْرَاةُ}: هي الكتاب الذي أنزله الله تعالى على موسى. وقد نزلت التوراة مكتوبة، كتب الله تعالى التوراة في الألواح، فأخذها موسى، وتلاها على الناس، وعلَّمهم إياها، وبقيت التوراة إلى أن جاء محمد - صلى الله عليه وسلم - لكن صار فيها تحريف، كما قال الله تعالى: {تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيرًا} [الأنعام: ٩١].

وقوله تعالى: {قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}.

<<  <  ج: ص:  >  >>