للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عُرِّض بتحريمه، ثم حرم في أوقات معينة، ثم حرم إلى الأبد، أربع مراحل؛ لأن الناس كانوا قد ألفوه، قال الله تعالى: {وَمِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا} [النحل: ٦٧]، وهذه الآية في سورة النحل، وقد نزلت في مكة، {تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا}: العنب والرطب هما مادة الخمر، ثم قال: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا} [البقرة: ٢١٩]، والعاقل إذا علم أن إثمهما أكبر من نفعهما يهديه عقله إلى تركهما، ثم قال: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ} [النساء: ٤٣]، إذن نجتنب الخمر وقت الصلاة؛ لأنه إن لم نجتنبه لزم أن نقرب الصلاة ونحن سكارى، وهذا منهي عنه، إذن نجتنب الخمر خمس أوقات في اليوم والليلة، وهذا يُضعف شربها، ثم جاءت آية المائدة: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [المائدة: ٩٠] انتهى. إذن إن ما ادَّعاه اليهود من أن النسخ يستلزم وصف الله بالنقص إما في الحكمة وإما في العلم فهو كذب.

٣ - إقامة الحجة على الشخص فيما يعتقد صحته أو مما يعتقد صحته، يعني: أن تُقيم الحجة على خصمك من شيء يؤمن به ويعتقد صحته؛ لأن الله تعالى قال: {قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}، التوراة التي أنتم تُقرون بأن ما فيها حق، ائتوا بها اتلوها، يتبين أن النسخ كان موجودًا فيها، ومن قديم الزمان.

٤ - أن التوراة منزلة كالقرآن، وهذا يدل على علو الله جل وعلا، وأنه فوق كل شيء، وهذا هو عقيدة أهل السنة والجماعة،

<<  <  ج: ص:  >  >>