للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إحياء، {وَأُمِيتُ} يعني أُوتى بالشخص البريء فآمر بقتله ويقتل.

لكن إبراهيم عليه السلام لم يجادله مجادلة تحتاج إلى طول منازعة، قال له: {فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ} [البقرة: ٢٥٨]، أي: انقطع، لأنه عاجز عن أن يدَّعي الإتيان بقمر أو بنجم. وهكذا ينبغي أن تكون المخاصمة بحجة دافعة بعيدة عن الأشياء المشتبهة، فإذا أتيت بالشيء المشتبه فقد تكون خاذلًا للحق والحق معك. فلابد أن تأتي بشيء قوي لا يستطيع الخصم أن يقف أمامه. وقد أكَّد ذلك المعنى كثير من العلماء رحمهم الله، حتى ذكر الحافظ ابن القيم رحمه الله في النونية بأن المطلوب أن تورد الحجة ضد أهل الباطل والبدع بقوة وحزم يضعف الخصم كما يصرخ الفارس بعدوِّه إذا التقى الصفَّان. وتأتي بالحجج الدامغة بقوة وعزيمة، وكل مقام له مقال. ولهذا نبَّه الله على ذلك فقال تعالى: {فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ} [محمد: ٣٥]، زد أيضًا: {وَاللَّهُ مَعَكُمْ} [محمد: ٣٥] .. سبحان الله، أنت فوقه والله معك، أين يكون هو؟ لا شك معه الشيطان.

وفي مقام النزاع والمخاصمة بالحق ينبغي للإنسان أن يكون قوي الحجة، وقوي القول، ليس من أجل أن تنتصر لنفسك، ولكن لأجل أن تنتصر للحق.

{فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا}، إذا أتوا بالتوراة وتلوها وصارت موافقة لما جاء به محمد - صلى الله عليه وسلم - صاروا يقدمون الحجة لك على أنفسهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>