للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لم تزل بهذا من عهد إبراهيم إلى اليوم. والكعبة هي الكعبة ليس هذا البيت خفيًا لا يعلم الناس به، بل لم يزل مشهورًا بيّنًا واضحًا من عهد إبراهيم إلى يومنا هذا.

وقوله: {مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ}:

بدل من آيات أو عطف بيان. ومقام إبراهيم مكان قيامه، فهل المراد بذلك الحجر المسمى بالمقام؟ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى" (١) حين تقدم إليه بعد انتهاء الطواف، أو المراد بالمقام مقامه في المناسك؟ .

على قولين لأهل العلم. فمنهم من قال: إن المراد به المقام الخاص، وهو الحجر الذي صار يرتفع عليه حين ارتفع بناء الكعبة. ومنهم من قال: إن المراد به كل مقام قامه في مناسك الحج. وإذا دار الأمر بين العموم والخصوص، فالأولى الأخذ بالعموم؛ لأن الأخذ بالعموم يتناول الخاص ولا عكس. وعلى هذا فيقال: مقام إبراهيم مكان قيامه في مناسك الحج. وهذا المقام موجود من إبراهيم إلى أن بعث الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وإلى يومنا هذا، ولم يتغير إلا بحمية الجاهلية، حمية قريش فإنهم غيروا الوقوف بعرفة، وجعلوه في مزدلفة. فغيروا هذا المقام، وقالوا: نحن أهل الحرم، ولا يمكن أن نخرج إلى الحل. والخروج إلى الحل إنما يكون من أهل الحل، ولهذا كانت قريش في يوم عرفة لا تقف بعرفة، تقف في مزدلفة، حتى يأتي الناس إليها. فأمر الله تعالى أن يفيضوا من حيث أفاض الناس، يعني أن


(١) رواه أبو داود، في كتاب الحروف والقرآن، رقم (٣٩٦٩)، وقال الألباني: صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>