للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قتله، إذا رأيت الصيد في مكة على شجرة، أو في فرجة، فإنه لا يجوز لك أن تنفره منها؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا ينفر" كل ذلك من باب توطيد الأمن في مكة.

فإن قال قائل: ما تقولون في قتال النبي - صلى الله عليه وسلم - لأهل مكة؟ .

فالجواب: أن قتال الرسول - صلى الله عليه وسلم - لأهل مكة من أجل توطيد أمنها؛ لأن أهل مكة صاروا يتحكمون في البيت، ولهذا منعوا الرسول عليه الصلاة والسلام من أداء العمرة في غزوة الحديبية، فكان في هذا الإحلال الذي أحله الله لرسوله - صلى الله عليه وسلم - في ذلك النهار مصلحة لتوطيد الأمن في البيت، وحمايته من الظلمة، كما قال تعالى: {وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} [الأنفال: ٣٤]، وأيضًا فإن هذا الإحلال ليس إحلالًا مطلقًا، بل هو إحلال مقيد، كان ساعة من نهار، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إنما أحلت لي ساعة من نهار وإنها لن تحل لأحد بعدي" (١)، فقد كان القتال فيها محرمًا ثم أحل، ثم عاد تحريمه إلى يوم القيامة.

١٥ - أن حرمة المسلم أعظم من حرمة البيت. فالذين ينتهكون دماء المسلمين وأموال المسلمين أشد من الذين ينتهكون حرمة البيت عند الله؛ لأن حرمة المسلم أعظم عند الله تعالى. ودليل ذلك أن القتال في مكة محرم ولكن الله قال: {فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ} [البقرة: ١٩١]، فلما أرادوا سفك دماء المسلمين، وقاتلوا


= ورواه مسلم، كتاب الحج، باب تحريم مكة وصيدها وخلاها وشجرها ولقطتها إلا لمنشد على الدوام، رقم (١٣٥٣).
(١) تقدم تخريجه في الحديث السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>