عليك، لابد أن يردك إلى معاد، فلا يمكن أن يدعك سدى. إذ لا فائدة في قرآن ينزل، ورسل ترسل، ودماء تراق للمخالفين، والنتيجة لا شيء! ! فالعقل يدل على أنَّه لابد من أن نحشر إلى الله عزّ وَجَلَّ، وأن نجازى بعملنا، وأنه لا يمكن أن تخلق السموات والأرض، ويرسل الرسل، وتنزل الكتب، وتكون النتيجة والغاية أن نُرْمَسَ (١) في الأرض ولا نعود، لابد من عودة. ولهذا نقول: إن العقل دلَّ على وجود اليوم الآخر ووقوعه.
ودلَّت عليه الفطرة: فإن الإنسان لو ترك وفطرته لعَلِمَ أن له ربًّا يجازيه، وأن الجزاء يكون في الآخرة، ويكون في الدنيا.
ودلَّ عليه الإجماع، فإجماع المسلمين أمر متواتر معلوم بالضرورة من الدين، بل وإجماع اليهود والنصارى؛ ولهذا إلى يومنا هذا إذا مات منهم ميت يصلون عليه ويدعون له بالرحمة والمغفرة؛ لأنهم يؤمنون بيوم الحساب.
هذه الجملة موقعها مما قبلها لتأكيد وقوع ذلك اليوم. ووجه ذلك: أن الله وعد به وهو لا يخلف الميعاد، أي: لا يخلف ما وعد به عزّ وَجَلَّ من وقوع هذا اليوم.
وهذه الجملة أيضًا إذا تأملتها وجدتها أنَّها تخالف ما قبلها في السياق؛ لأن ما قبلها السياق فيه للمخاطب:{رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيهِ}، وأما السياق هنا فهو للغائب:{إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ}، ولم يقل:(إنك لا تخلف الميعاد)، فهل هذا