إذا نصحته امتثل، وقد يغلب على ظنك أنه رجل عارف بالحكم لكنه مستكبر عنه أو متهاون به، المهم أن بعض أهل العلم يرى أن هذا من شرط وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وربما يستدل لذلك بقوله تعالى:{فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى}[الأعلى: ٩] ذكّر إن نفعت يعني فإن لم تنفع فلا تذكّر، قال: فإذا كان التذكير وهو دعوة للخير لا يجب إلا إذا نفع؛ فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من باب أولى؛ لأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أشد من الدعوة إلى الخير، فكل إنسان يستطيع أن يدعو وليس فيه شيء عليه، لكن الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر هو الذي قد يجد أذية من المأمور أو المنهي.
وهذه المسألة في النفس منها شيء، قد نقول: إن عليه أن يأمر وينهى وأن ذلك لا يخلو من فائدة لو لم يكن من فائدته إلا علم الناس بأنه معروف أو بأنه منكر لكفى, لأننا إذا سكتنا بحجة أن الأمر لا ينفع أو أن النهي لا ينفع؛ بقيت المنكرات على ما هي عليه، وبقي التهاون بالواجبات على ما هو عليه، وصار الشباب الذين يخرجون من جديد يظنون أن هذا المنكر معروف، وأن المعروف ليس بمعروف، ولهذا في هذا الشرط نظر، بل نقول: يجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سواء ظننت أنه مفيد أم لم يفد. لكن في حدود الاستطاعة؛ لأن جميع الواجبات إنما تجب بالاستطاعة {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}[التغابن: ١٦] فإذا كان يشق على الإنسان أن يمسك كل واحد يمرّ به في السوق على منكر من حلق لحية أو غيره فإنه لا يلزمه، لا يلزمه إلا ما يقدر عليه؛ لأن الله يقول:{وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ}[الحج: ٧٨].