وليعلم أن مسألة الإقناع غير مسألة العلم، بعض الناس يكون عنده علم لكن لا يستطيع أن يقنع غيره، ليس عنده قوة حجة وبيان، وبعض الناس يكون أقل علمًا منه لكن عنده قوة إقناع، فلابد أن تتمرن على قوة الإقناع ولو بضرب الأمثال؛ لأن ضرب الأمثال يقرّب.
يوجد الآن مثلًا طائفة معروفة تدعو إلى الله وتخرج للدعوة إلى الله، وعندهم من الإقناع للعامة ما لا يوجد عند بعض أكابر العلماء، ولهذا تجدونهم يؤثرون تأثيرًا عظيمًا؛ لأن عندهم أسلوب في الإقناع، والإنسان إذا كان عنده أسلوب وأمر غيره وقال له: ما دليلك؟ قال: هذا الدليل ثم ضرب له أمثلة معقولة، فهذا لا شك أنه من آداب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. ويذكر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حديث رواه الإمام أحمد أن رجلًا استأذن النبي - صلى الله عليه وسلم - في الزنا، فقال له النبي عليه الصلاة والسلام:"أترضى أن يفعل هذا بأمك وأختك وذات رحمك؟ قال: لا ما أرضى، قال: إذا كنت لا ترضى أن يفعل ذلك بمحارمك، فكيف ترضى أن تفعله أنت بمحارم الناس"(١). هذا أسلوب مقنع، يعني مجرد أن يتصور الإنسان هذه المسألة يبتعد، أنت لو ترى شخصًا يغازل أختك أو زوجتك أو بنتك ماذا تفعل؟ لا شك أنك لا ترضى بذلك. فكيف أنت ترضى لنفسك أن تغازل بنات الناس، أو أشد من ذلك تزني والعياذ بالله. هذه من الأساليب التي ينبغي للآمر بالمعروف والناهي عن المنكر أن يكون على دراية بها وإجادة.