للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن الآداب أيضًا أن يصبر على الأذى والمحاجة والمخاصمة لاسيما إذا كثر الجدل في الناس فليصبر؛ لأن الله تعالى حكى عن لقمان أنه قال لابنه وهو يعظه: {يَابُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} [لقمان: ١٧] لابد لكل آمر من أن يصاب بأذى، وبعض الناس ربما يثقل عليه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإن لم يصب بأذى لكن لم تتقبل دعوته أو لم يتقبل أمره أو نهيه فيضيق صدره ولا يأمر ولا ينهى، هذا ليس بصحيح، مُرْ بالمعروف، وانه عن المنكر، واصبر على ما أصابك، وانظر إلى الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ماذا أصابهم من الأذى، أصابهم أذى عظيم، طعن في أجسادهم، وطعن في عقولهم، وطعن في أهدافهم، كل شيء طعن فيه ومع ذلك هم صابرون، أوذي موسى عليه الصلاة والسلام بأنواع من الأذى، وأوذي أول الأنبياء نوح كلما مرَّ عليه ملأ من قومه سخروا منه: {قَالَ إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ (٣٨) فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ} [هود: ٣٨، ٣٩] وأوذي خاتم الأنبياء عليه الصلاة والسلام، أوذي أذى عظيمًا من أقرب الناس إليه، هل قريش فعلت بأي واحد من الناس دخل المسجد الحرام وجعل يصلي تحت الكعبة وسجد لله عزّ وجل، هل آذوا أحدًا من الناس بأن أتوا بسلا الجزور ووضعوه عليه وهو ساجد؟ أبدًا، لكن الرسول فعلوا به هذا وصبر. هل كانوا يأتون بالأذى والقذر والأنتان يضعونها على أبواب الناس في مكة؟ لا، لكن الرسول فعلوا به هذا وصبر.

فالواجب أن يصبر الإنسان وأن يحتسب هذا الصبر على الله، وهذا الصبر على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أعظم أجرًا

<<  <  ج: ص:  >  >>