للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من فعله الذي أراد وليس المعنى أنه (فعال لما يريد) سيفعل في المستقبل خلاف ذلك كما فهمه ابن القيم رحمه الله، فإن هذا فَهْم غير سليم بلا شك، بل إن مناسبة ختم الآية بقوله: {إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ} هو أنه لما كان الشقاء غير محمود قال: هذا من فعل الله، والله يفعل ما يريد مع أنه لم يظلمهم.

ومن فوائد قوله تعالى: {تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعَالَمِينَ}:

١ - أن القرآن كلام الله تعالى؛ لأن الله تعالى أضافه إلى نفسه فقال: {آيَاتُ اللَّهِ} وما أضيف إلى الله ولم يكن عينًا قائمة بنفسها فهو من صفاته؛ لأنه لابد أن يكون هذا المضاف قائمًا بشيءٍ، فإذا كان صفة فلن يكون إلَّا صفة الله عزّ وجل، فإذا قلنا: كلام الله فهذا إضافة صفة، وإذا قلنا: هذا مخلوق الله فهذا ليس إضافة صفة؛ لأن المخلوق عين قائمة بنفسها، فـ (ناقة الله) غير صفة لأنها عين قائمة بنفسها. و (بيت الله) كذلك غير صفة لأنه عين قائمة بنفسها {فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي} [الحجر: ٢٩]. {رُوحِي} ليست صفة بل هي مخلوقة لأنها لو كانت صفة الله ما بانت منه، وهنا بانت من الله وحلَّت في جسد آدم، وليست صفة من صفات الله لأنها بائنة منه، فإضافة الروح إلى الله هنا من باب إضافة المخلوق إلى الخالق، ولهذا لا يمكن أن نقول: إن هذه جزء من روح الله التي هي صفته، هذا شيء مستحيل إذ لو قلنا بهذا لحلَّ شيء من الله في مخلوقاته.

٢ - أن من كان وكيلًا عن الغير فله حكم ذلك الذي وكله؛ لأن الله أضاف التلاوة إليه مع أن التالي رسوله، فدلَّ هذا على أن

<<  <  ج: ص:  >  >>