للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وفَعْلَة لمرة كجَلسه ... وفِعْلَة لهيئةٍ كجِلْسه

فـ"ذِلة" على وزن فِعْلة أي: ذلة مخصوصة كما تقول: جلس فلان جِلْسة الأسد يعني جِلْسَة معروفة، هذه الذِلة ذلة -والعياذ بالله- لا تخرج من قلوبهم؛ لأنه قال: {ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ} فكما أن النقش في السكة المضروبة لا يتحول ولا يزول فكذلك هذه الذلة.

{أَيْنَ مَا ثُقِفُوا} أين: ظرف مكان تدل أيضًا على عموم الأمكنة، ويؤكد عمومها "ما" الزائدة، أينما و"ثقفوا" بمعنى وجدوا، يعني في أي مكان وجدوا فإن الذلة مضروبة عليهم، كما في قوله تعالى: {وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ} [البقرة: ١٩١] يعني حيث وجدتموهم، فهؤلاء اليهود والنصارى من بني إسرائيل ضربت عليهم الذلة في أي مكان كانوا من الأرض فهم أذلاء؛ لأن الله ضرب عليهم الذلة.

قال تعالى: {إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ}.

الحبل: هو السبب، وسمي السبب حبلًا لأنه يوصل إلى المقصود كما يوصل الحبل إلى المقصود فيما لو أدلى الإنسان دلوه إلى بئر مثلًا، فإنه يتوصل به إلى المقصود، قال بعض أهل العلم: إن الحبل من الله هو الإِسلام؛ لأن الإِسلام فيه العزة وفيه النصر وفيه الظهور، فهم أذلاء إلا أن يسلموا فيكون المراد بالحبل من الله هو الإِسلام، فإذا أسلموا ارتفعت عنهم الذلة، وقيل: المراد بالحبل من الله الذمة، يعني أن يكونوا من أهل الذمة وذلك أن الإِسلام يحمي أهل الذمة ويدافع عنهم، ولهذا يجب علينا بالنسبة لأهل الذمة حمايتُهم ممن يعتدي عليهم في

<<  <  ج: ص:  >  >>