للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مالٍ أو دمٍ أو عرضٍ؛ لأنهم تحت رعايتنا وهم يبذلون لنا الجزية ما لم ينقضوا الذمة، فإن نقضوا الذمة فإنهم يعودون كالحربيين يُقْتَلون لانتقاض عهدهم، فصار المراد بالحبل من الله على قولين:

القول الأول: أنه الإِسلام.

والقول الثاني: أنه الذمة.

وأمّا قوله: {وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ} فإن ظاهره العموم، يعني بسبب من الناس أي الناس يدافعون عنهم ويرفعون معنوياتهم ويعزِّزونهم، ولكن ما هو الحبل من الناس؟ قيل: إنه العهد والأمان، فالعهد كالذي يجري بين المسلمين وبين الكفار يحصل بينهم عهد أن لا يعتدي أحدٌ على أحد وأن تبقى هدنة كما حصل في غزوة الحديبية، والأمان أن يدخل رجل من المشركين أو من اليهود والنصارى بأمان من أحد من المسلمين يؤمّنه، والفرق بين العهد والأمان: أن الأمان يصح من كل واحد من المسلمين؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "قد أجرنا من أجرت يا أم هانئ" (١)، والعهد لا يكون إلا بين أهل الحل والعقد يعني بين الإِمام أو قائد الجيش أو ما أشبه ذلك. والفرق بين العهد والأمان والذمة أن الذمة تثبت لأهل الذمة حقوقا تجب على المسلمين يدافعون بها عنهم، ولهذا يأخذ المسلمون الجزية منهم عوضًا عن ذلك، فالحبل من الناس هو العهد والأمان، ويحتمل أن الحبل من الناس أعم من ذلك أي بأن يكون المراد به العهد والأمان والنصرة والإعزاز كما حصل


(١) رواه البخاري، كتاب الصلاة، باب الصلاة في الثوب الواحد متلحفًا به، رقم (٣٥٧). ورواه مسلم، كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب صلاة الضحى وأن أقلّها ركعتين، رقم (٣٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>