للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لليهود الآن من النصارى من الأمريكان وغيرهم، فإن اليهود أذلة قد ضرب الله عليهم الذلة والهوان لكن الأمم النصرانية الآن تساعدها وتعززها لا محبة لها ولكن من أجل أنها ضد المسلمين، فيكون المراد بالحبل من الناس هنا ما هو أعم من العهد والأمان، ومعلوم أنه إذا صلح اللفظ للعموم فإن الأولى أن يبقى على عمومه، فيكون المراد بالحبل من الناس أي مساعدة منهم وحماية كالعهد والأمان والنصرة والولاية وما أشبهها.

قال: {وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ}:

(باؤوا): أي رجعوا، ومنه قوله تعالى: {وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ} [الحشر: ٩] أي سكنوها، فهذه المادّة (الباء، والألف والهمزة) تدل على الرجوع والاستقرار، والمعنى أنهم رجعوا بغضب من الله أي مصطحبين للغضب، والغضب: صفة انفعالية لا فعلية، والفرق بين الانفعالي والفعلي، أن الفعلي يكون باختيار الإنسان وبالجوارح الظاهرة كالبطش مثلًا، والانفعالي يكون بغير اختيار الإنسان وهو من القوى الباطنة؛ فالغضب: صفة انفعالية وليست فعلية، ولهذا تأتي للإنسان بغير اختياره، يستثيره أحد من الناس فيغضب، ويحمر وجهه، وتنتفخ أوداجه، ويقف شعره وربما يقتل مَنْ أمامه، وربما يطلق نساءه، وربما ينتحر أيضًا، نسأل الله العافية. فالغضب إذن صفة انفعالية وهو كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "جمرة في قلب ابن آدم" (١) فيفور ويغضب، هذا


(١) رواه الترمذي، كتاب الفتن، باب ما أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - أصحابه بما هو كائن إلى يوم القيامة، رقم (٢١٩١). ورواه أحمد في مسنده, رقم (١١٠٧٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>