للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بالنسبة لغضب الإنسان الآدمي البشر، أما غضب الله عزّ وجل فهو صفة من صفاته التي يجب إثباتها له على الوجه اللائق به جل وعلا، فهو سبحانه وتعالى يغضب ويرضى ويسخط ويكره ويحب، وكل هذه الصفات ثابتة لله تعالى على الوجه الذي يليق به، جل وعلا.

وقوله: {بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ}:

هذه الجملة مما يؤيد القول بأن المراد بقوله: {ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ} اليهود لأنهم هم المغضوب عليهم، و (مِنْ) للابتداء أي بغضب صادر منه، وربما يقول قائل: إنها أعم من أن يكون الغضب صادر من الله، بل بغضب من تقدير الله، وعلى هذا تكون "مِن" للسببية ويكون المراد بالغضب غضب الله وغضب غيره، وهذا هو السر في قوله: {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: ٧] ولم يقل: (غير الذين غضبتَ عليهم) لأن هؤلاء مغضوب عليهم من قِبَل الله ومن قبل أولياء الله.

وقوله: {وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ}:

الضارب هو الله تعالى، والمسكنة هي الفقر، فهم أذلاء ليس عندهم شجاعة، فقراء ليس عندهم غنى، ولكن يجب أن نعلم أن الغنى ليس كثرة العرض إنما الغنى غنى النفس والقلب، فهؤلاء قد ضربت عليهم المسكنة، فهم دائمًا في فقر حتى لو حصّل الإنسان منهم ملايين الملايين فهم في فقر، ولذلك حتى الآن نجد أن اليهود أحرص الناس على المال، وأنهم لا يمكن أن يبذلوا فلسًا إلا وهم يؤملون أن يحصلوا درهمًا، ولا يبذلون درهمًا إلا ويؤملون أن يحصلوا دينارًا، وهذه حالهم ومن ثم

<<  <  ج: ص:  >  >>