للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

صاروا من أغنى العالم إن لم نقل هم أغنى العالم، لكنهم أغنى العالم بكثرة العرض لا بالقلب والنفس، فهم أشد الناس فقرا.

قال تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ}:

(ذلك) المشار إليه ما سبق من ضرب الذلة والغضب والمسكنة، والمشار إليه: مفرد مذكر وإن كان ثلاثة أشياء؛ لأن الإشارة عادت إليها باعتبار أنها مذكورة، فيكون تقدير الإشارة ذلك المذكور {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ} (الباء) معناها السببية أي ذلك بسبب أنهم كانوا يكفرون بآيات الله. وكلمة {كَانُوا} تدل على اتصاف اسمها بخبرها، {يَكْفُرُونَ} فعل مضارع يدل على استمرار الكفر منهم وهو كذلك، فإنهم كانوا يكفرون بآيات الله مع ظهورها وبيانها حتى إنهم قالوا لنبيهم عليه الصلاة والسلام: {اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ} [الأعراف: ١٣٨]. مع أنه قد قال لهم: إن الله إله واحد، فهم يكفرون بآيات الله، ومن جملة كفرهم أنهم كفروا بمحمد - صلى الله عليه وسلم - مع أنهم يعرفونه كما يعرفون أبناءهم، ولا أشد معرفةً من معرفة الإنسان لابنه ومع ذلك كفروا به عليه الصلاة والسلام.

وقوله: {يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ} الآيات جمع آية وهي العلامة على الشيء التي إذا وجدت كان الشيء موجودًا لأنها علامته، كما لو قلت مثلًا: علامة طلوع الشمس أن ترى ضوءها على رأس الجبل، فهنا متى رأيت ضوءها على رأس الجبل فهي طالعة.

وآيات الله تنقسم عند أهل العلم إلى قسمين: آيات كونية، وآيات شرعية، وكلها علامات على الله عزّ وجل، أما الآيات الكونية فهي المخلوقات كالشمس والقمر والأرض والنجوم

<<  <  ج: ص:  >  >>