للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالوا: الغضب لغة: هو غليان دم القلب نقول: هذا غضب المخلوق، أمّا غضب الخالق فيختص به جل وعلا كما أنكم أنتم تثبتون الإرادة لله وتقولون: إن الله مريد مع أن إرادة المخلوق هي ميل القلب إلى ما ينفعه أو يضره، أي لطلب منفعة أو دفع مضرة، فهل الإرادة التي أثبتموها لله تعالى بهذا المعنى؟ سيقولون: (لا) نحن نثبت لله إرادة تليق به وتخالف إرادة المخلوق. نقول: يجب عليكم إذن أن تثبتوا لله غضبا يليق به مخالفًا لغضب المخلوق، فالباب واحد، فإما أن تنفوا ما أثبتم، وإمّا أن تُثبِتُوا ما نفيتم، فإن أثبتوا ما نفوا وافقوا السلف، وإن نفوا ما أثبتوا وافقوا المعتزلة، وهم يرون أنهم في حرب مع السلف وفي حرب مع المعتزلة يحاربون المعتزلة، ولا أدل على ذلك من فعل أبي الحسن الأشعري رحمه الله الذي كان معتزليا وبقي على الاعتزال أربعين سنة، ثم هداه الله وأنكر على المعتزلة إنكارا عظيما وبيَّن زيفهم وخطأهم وتبرأ منهم ومن الذين قالوا إننا لا نثبت الغضب لله لأنهم يقولون: إن السلف مجسمة ممثلة إذ يعتقدون أن مَنْ أثبت لله الصفات على وجه الحقيقة فهو مجسم وممثل، ولهذا صاروا لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء، فنحن نقول لهم: كما أثبتم لله إرادة تليق به فأثبتوا له غضبًا يليق به، وإلا فانفوا الجميع لتوافقوا المعتزلة، وهم لا يثبتون الجميع ولا ينفون الجميع كما هو المعروف من مذهبهم، وأعني بذلك الأشعريين.

فسّروا غضب الله بالانتقام، فقالوا: الغضب: الانتقام. وهذا تحريف وليس بتأويل؛ لأن الانتقام شيء منفصل عن الله عزّ وجل، يعني هم فسروه بالعذاب، ويدل على بطلانه قوله تعالى

<<  <  ج: ص:  >  >>