والحال أنهم يسجدون، فوصفهم بتلاوة آيات الله وهي أفضل الذكر، وبالسجود وهو أفضل الحالات؛ لأن السجود أفضل من القيام، وأفضل من الركوع حيث إن الساجد أقرب ما يكون من ربه، لكن تلاوة الآيات أفضل الأذكار فلهذا اختصت بالقيام، فقوله:{يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ} ذكر لأعلى أوصاف القول {وَهُمْ يَسْجُدُونَ} ذكر لأعلى أوصاف الفعل وهو السجود.
{يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ}:
الجملة استئنافية لبيان حال هؤلاء، ويجوز أن تكون صفة لقوله:"أمة" وأن تكون حالًا.
قال تعالى:{يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ}:
والإيمان بالله يتناول أربعة أشياء لابد منها: الإيمان بوجوده، والإيمان بربوبيته، والإيمان بألوهيته، والإيمان بأسمائه وصفاته، فمن أنكر وجود الله فهو لم يؤمن به، ومن آمن بوجوده وأنكر توحيده بالربوبية فإنه لم يؤمن بوجوده، ومن آمن به وبربوبيته ولكنه أنكر انفراده بالألوهية فإنه لم يؤمن به، ومن آمن بذلك كله ولكن أنكر شيئًا من صفاته فإنه لم يؤمن به، فلا إيمان بالله إلا بهذه الأمور الأربعة.
أما الإيمان باليوم الآخر فالمراد باليوم الآخر يوم القيامة، وسمّي اليوم الآخر لأنه لا يوم بعده إذ هو منتهى الخلائق، ولا يوجد فيه ليل ولا نهار، كله يوم واحد لا شمس ولا قمر ولا نجوم، كل في مكانه إما في الجنة أو النار، فهو آخر شيء يكون فيه العباد، ومعلوم أن للعباد أربع دور: الدار الأولى في بطون أمهاتهم، والثانية في هذه الدنيا، والثالثة في البرزخ، والرابعة في