للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: {هَاأَنْتُمْ أُولَاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلَا يُحِبُّونَكُمْ}:

في قوله: {هَاأَنْتُمْ} قراءتان: المد {هَاأَنْتُمْ} أو القصر (هأنتم) وكلاهما قراءتان سبعيتان ينبغي للقارئ أن يقرأ بهذه مرة وبهذه مرة، يعني بهذه أحيانًا وبهذه أحيانًا إلَّا أمام العامة، فأمام العامة لا ينبغي أن تقرأها إلا بقراءة المصحف الذي بين أيديهم، لأنك لو قرأت بغير قراءة المصحف الذي بين أيديهم اتهموك بالخطأ أو شككوا في القرآن. وربما -إن كانوا عامة دهماء- يضربونك يقولون: أنت غيَّرت كتاب الله؛ لأن العامة الدهماء لا يميزون.

و(ها): قيل: إنها منقولة عن مكانها، وأن الأصل (أنتم هؤلاء) وقيل: بل هي للتنبيه وأنها في مكانها، ولأن التنبيه ينبغي أن يكون في أول الكلمات، فهي في مكانها. وقوله: {أُولَاءِ} منادى وأصله (يا هؤلاء) {تُحِبُّونَهُمْ} أي تحبون هذه البطانة الذين لا يألونكم خبالًا، والذين ودُّوا ما عنتم، والذين قد بدت البغضاء من أفواههم، والذين ما تخفيه صدورهم أكبر، تحبونهم وذلك لأن المؤمنين يغلب عليهم سلامة القلب وطهارته وعدم ظن السوء في غيرهم، وكان هؤلاء يتوددون إليهم ويدّعون أنهم يصلونهم فيحبهم المؤمنون بناء على تغريرهم بهم. {وَلَا يُحِبُّونَكُمْ} يعني: وهم لا يحبونكم مع أنكم تحبونهم وكيف يحبوننا وقد بدت البغضاء من أفواههم؟ وقوله: {تُحِبُّونَهُمْ} هذا معلوم لنا لكن {وَلَا يُحِبُّونَكُمْ} هذا غير معلوم، ولكن الله أعطانا له قرائن وهي ما تبديه أفواههم، فإذا كانوا لا يحبونكم فكيف تحبونهم؟ الإنسان العاقل الحازم هو الذي يعامل من كانت هذه صفته بمثل ما كان عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>