للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بالشعير، والملح بالملح" (١). هذه الأشياء الستة متفق على جريان الربا فيها، فإذا أبدل جنس بمثله لزم فيه شيئان: التساوي، والتقابض في مجلس العقد، وإذا بيع بغير جنسه لزم فيه أمر واحد وهو التقابض في مجلس العقد إلا بين الذهب والفضة وسواهما فإنه لا يشترط التقابض في مجلس العقد.

لكن قد يقول قائل: إن قوله: "إذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدًا بيد" (٢) يشمل ما إذا باع برًّا بفضة فإن الجنس مختلف، وإذا طبقنا هذا على الحديث قلنا: لابد أن يكون يدًا بيد؛ لأنه عليه الصلاة والسلام قال: "إذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدًا بيد". نقول: نعم هذا هو مقتضى هذا الحديث لكن يخصصه ما ثبت في الصحيحين من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: قدم الرسول - صلى الله عليه وسلم - المدينة وهم يسلفون في الثمار السنة والسنتين فقال: "من أسلف في تمرٍ فليسلف في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم" (٣). ومعنى يسلفون يعني يقدمون الدراهم -الثمن- ويؤخرون المثمن، يعني يأتي الرجل ويشتري من صاحب البستان تمرًا لمدة سنة أو سنتين بدراهم يعطيه إياها نقدًا، فهنا اشترى تمرًا بدراهم مع تأخر القبض، والسلم جائز بالإجماع، وهذا هو الدليل لتخصيص قول النبي عليه الصلاة والسلام: "فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدًا بيد".


(١) رواه مسلم، كتاب المساقاة، باب الصرف وبيع الذهب بالورق نقدًا، رقم (١٥٨٧).
(٢) تقدم تخريجه في الحديث السابق.
(٣) رواه أبو داود، أول كتاب الإجارة، باب في السلف، رقم (٣٤٦٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>