للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

"أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك" (١).

وذكر الله باللسان يمكن أن يكون المراد به الذكر الخاص مثل: لا إله إلا الله كما يروى عن الشيطان أنه قال: (أهلكت بني آدم بالمعاصي، وأهلكوني بلا إله إلا الله والاستغفار) (٢). فذكر الله لا شك أنه من أسباب مغفرة الذنوب، فيذكرون الله بألسنتهم يقولون: لا إله إلا الله -كلمة الإخلاص- وهذه إذا قالها الإنسان مخلصًا غفر الله له، وكذلك أيضًا ذكر الله باللسان يكون بالاستغفار: اللهم اغفر لي أو أستغفر الله أو ما أشبه ذلك.

والذكر بالفعل هو أنهم يفعلون ما يكفر هذه الذنوب والخطايا، ومن ذلك الصدقة فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "الصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفى الماء النار" (٣). وكذلك أيضًا الصلاة، فإن الإنسان إذا توضأ وأسبغ الوضوء ثم صلى ركعتين لا يحدث فيهما نفسه غفر الله له ما تقدم من ذنبه.

وقوله: {فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ} الفاء: للترتيب والتعقيب، يعني فإذا ذكروا الله استغفروا لذنوبهم، أي طلبوا المغفرة من الله سبحانه وتعالى لذنوبهم، وتقدم لنا مرارًا أن المغفرة تعني ستر الذنب والتجاوز عنه، وقوله: {لِذُنُوبِهِمْ} الذنوب هي المعاصي


(١) تقدم تخريجه (ص ١٨٥).
(٢) مفتاح دار السعادة لابن القيم (١/ ١٤٢). فقد أوردها عن ابن الجوزي قال: إن إبليس قال: "أهلكت بني آدم بالذنوب وأهلكوني بالاستغفار وبلا إله إلَاّ الله، فلما رأيت ذلك بثثت فيهم الأهواء، فهم يذنبون ولا يتوبون, لأنهم يحسبون أنهم يحسنون صنعًا".
(٣) رواه الترمذي، كتاب الجمعة، باب ما ذكر في فضل الصلاة، رقم (٦١٤). ورواه ابن ماجه، كتاب الزهد، باب الحسد، رقم (٤٢١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>