للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مؤمنين، والإيمان أخص من الإسلام؛ لأن الإسلام يقع من المنافق وضعيف الإيمان، والإيمان لا يكون إلا من كامل الإيمان، من المؤمن حقًّا، ولهذا قال الله تعالى: {قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا} الأعراب البادية {قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا} لماذا؟ قال: {وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ} [الحجرات: ١٤]، حتى الآن لم يدخل الإيمان في القلب، عندكم إسلام لكن ليس عندكم إيمان، إلا أن الإيمان قريب منكم؛ لأن قوله: (لما) حرف نفي يدل على قرب المنفي؛ يعني أن الإيمان قريب ما يدخل قلوبكم أما الآن فلا.

إذن هذه الأمة هي العليا بشرط الإيمان، أما إذا لم يكن لديها إيمان فليس لها عهد عند الله بالنصر؛ لأن العهد الموثق بين الله وبين عباده بالنصر، هو أن يكون النصر متبادلًا {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} [محمد: ٧]، {وَلَيَنْصُرَنَّ الله مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} [الحج: ٤٠] , أما إذا لم يكن منا نصرٌ لله عزّ وجل فإن نصر الله قد يتخلف، يعني ليس بمضمون.

إذن {وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}. وعلامات الإيمان كثيرة، منها:

أن لا يخاف الإنسان في تنفيذ حكم الله أحدًا من الخلق، فإن خاف أحدًا من الخلق فليس بمؤمن، ودليل ذلك قوله تعالى: {إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [آل عمران: ١٧٥] يخوّف أولياءه: يعني يخوفكم أولياءه، أي من أوليائه. ويوقع الخوف على أوليائه؟

<<  <  ج: ص:  >  >>