للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله: {نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ} يشمل مداولتها بين أمة وأمة، ويشمل كذلك مداولتها في الإنسان الواحد، فالإنسان يجد يومًا سرورًا ويجد يومًا آخر حزنًا. كما قال الشاعر:

فيوم علينا ويوم لنا ... ويوم نُساء ويوم نُسر

فالدنيا هكذا لا تبقى على حال واحدة، ولهذا يقال: دوام الحال من المحال، فالأيام دول.

وانظر إلى قوله: {نُدَاوِلُهَا} حيث أتت بصيغة نون العظمة إشارة إلى أن الله عزّ وجل لكمال سلطانه وكبريائه يديل الناس بعضهم على بعض، فتارة تكون أيامًا لهؤلاء وتارة تكون أيامًا لهؤلاء.

وقوله: {وَلِيَعْلَمَ الله الَّذِينَ آمَنُوا} الواو هنا حرف عطف، فما هو المعطوف عليه؟ هل هي الجملة التي سبقت الأيام {وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ}؟ نقول: لا؛ لأن {وَلِيَعْلَمَ} تعليل للجملة التي قبلها وهي {وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ}، والعلة غير المعلول ولا يصح عطفها عليه؛ لأن العلة هي السبب في وجود المعلول، إذن فهناك شيء معطوف عليه فيقدر بما يناسب الحال، فالذي يناسب هنا هو أن نقول: إنَّ التقدير {نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ} ليتبين بذلك تمام سلطان الله عزّ وجل، وأن الله عزّ وجل هو الذي له الحكم يحكم في عباده بما يشاء؛ فيخذل أقوامًا وينصر آخرين، ويأتي بالعسر ويأتي باليسر حتى يتبين بهذا تمام سلطانه سبحانه وتعالى. حتى المخلوقات بعضها فيها خير وبعضها فيها شر، كل هذا ليظهر للناس تمام السلطان للعلي الكبير سبحانه. إذن فالواو هنا حرف عطف.

<<  <  ج: ص:  >  >>