للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{وَلِيَعْلَمَ الله الَّذِينَ آمَنُوا} علم وجود وعلم يترتب عليه الجزاء، وإنما قلنا بذلك لأن الله تعالى قد علم الذين آمنوا قبل أن يؤمنوا، فإن علم الله بالأشياء علم أزلي قديم يعلم سبحانه وتعالى ما كان وما يكون إلى يوم القيامة، لكن يعلمه علم وجود، أي: يعلمه موجودًا، أما العلم السابق فإنه يعلمه أنه سيوجد، وهناك فرق بين علمه الشيء موجودًا حال وجوده وبين علمه الشيء بأنه سيوجد، فهذا هو الأول.

والثاني: يعلمه علمًا يترتب عليه الجزاء، وذلك حين يوجد الإيمان أو يُفقد، أما علم الله السابق فإنه لا يترتب عليه الجزاء، وذلك لأن المؤمن لم يكن موجودًا بعد حتى يجازى أو لا يجازى، وبهذا يزول الإشكال الوارد على مثل هذه الجملة، ويحصل به الجواب عن الإشكال، وهو أن يقال: إن الله عزّ وجل قد علم الذين آمنوا من قبل، فإنه سبحانه وتعالى كتب في اللوح المحفوظ مقادير كل شيء إلى يوم القيامة، وقد علم المؤمن من غيره من قبل، فكيف يقول: {وَلِيَعْلَمَ}؟ فالجواب أن نقول: ليعلم علم وجود أي بأن الشيء وجد، وتعلق العلم بالموجود غير تعلقه بالمعدوم الذي سيوجد. الثاني: أن يعلمه علمًا يترتب عليه الجزاء؛ لأن علمه السابق بأنه سيوجد لا يترتب عليه الجزاء.

وقوله: {وَلِيَعْلَمَ الله الَّذِينَ آمَنُوا} كيف ذلك؟ لأن المؤمن يرضى بهذه المداولة، بمداولة الله الأيام بين الناس، يرضى بها رضًا تامًا؛ إن أصابته ضراء صبر، وإن أصابته سراء شكر، ويعلم أن ذلك بتقدير الله فيرضى ويسلم، لكن غير

<<  <  ج: ص:  >  >>