للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

النساء، يعني: أن يتزوج الإنسان المرأة لمجرد الشهوة، لا لأمر آخر، ولهذا لا يدخل في هذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولا يقال: إنه ممن زين له حب الشهوات، لأنه عليه الصلاة والسلام لم يتزوج المرأة بكرًا سوى عائشة رضي الله عنها، ولو كان يريد الشهوة لاختار الأبكار الجميلات، ولا يمنعه مانع من ذلك. ولكنه قال: "حبَّب إليَّ من دنياكم النساء والطيب" (١) لما في اختيار النساء من قِبَلِه عليه الصلاة والسلام من المصالح العظيمة، كاتصاله بالناس وقبائل العرب، وكذلك نشر العلم عن طريق النساء، لاسيما العلوم البيتية التي لا يطلع عليها إلَّا النساء، إلى غير ذلك من المصالح، لأن تزيين حب النساء إذا كان لغير مجرد الشهوة قد يحمد عليه الإنسان، لكن إذا كان لمجرد الشهوة فهذا من الفتنة، ولهذا قال: {حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ}.

وقولى: {وَالْبَنِينَ}: يحب البنين لا ليكونوا عونًا له على طاعة الله، ولكن ليفتخر بهم، وكانوا في الجاهلية يفتخرون بالبنين، ويتشاءمون بالبنات. {وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ (٥٨) يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ} [النحل: ٥٨ - ٥٩] يختفي منهم مخافة المسبة، ثم يفكر ويقدر {أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ} يعني: أيمسك هذا المولود وهو أنثى على هون وذل وهضم لحقها أم يدسه في التراب، أي: يدفنها حية في التراب؟ قال تعالى: {أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُوُنَ} [النحل: ٥٩].


(١) أخرجه أحمد (٣/ ١٢٨). والنَّسائي، كتاب النساء، باب عشرة النساء، رقم (٣٩٣٩). والحاكم (٢/ ١٦٠) في الصلاة وصححه، وأَبو يعلى (٦/ ١٩٩). وحسَّن الحافظ في التلخيص (٣/ ١٣٤) رواية النَّسائي.

<<  <  ج: ص:  >  >>