للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

جزعوا لما أصابهم في أُحد، ولهذا قال: {فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا} إلى آخره.

هذا من حيث تركيب الجملة، أما من حيث الإفراد فقوله: {مِنْ نَبِيٍّ} المراد بالنبي من أوحي إليه بشرع ولم يؤمر بتبليغه، ولكن ليس في القرآن لفظ نبي إلَّا ويراد به الرسول {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ} [النساء: ١٦٣]. ونوح من المعلوم أنَّه من الرسل، بل هو من أولي العزم من الرسل. على كل حال: النبي عند أهل العلم من أوحي إليه بشرع ولم يؤمر بتبليغه، والرسول من أوحي إليه بشرع وأمر بتبليغه، ولهذا سمي رسولًا من الرسالة. ولكن كل من ذكر في القرآن من الأنبياء فهو رسول.

وقد أشكل على بعض الناس فقالوا: كيف يوحى إليه بالشرع ولا يؤمر بالتبليغ؟ ولكن هذا في الحقيقة ليس محل إشكال؛ لأنه يمكن الجواب عنه بأنه أوحي إليه بالشرع ليتعبد به، ويكون هذا من باب التذكير له إذا كان نبيًا بعد الرسل، ومن باب البيان له إذا كان نبيًا لم يسبق بالرسل. مثال الثاني آدم، فآدم نبي ولم يسبق بالرسل. ومثال الأول ما وجد من أنبياء بني إسرائيل الذين لهم أتباع ولم يؤمروا بالتبليغ، فيكون إنباء الله لهم من باب التفضل عليهم بذكر الشريعة السابقة وإحيائها وإن كانوا لم يلزموا بأن يبلغوا الناس، وبهذا يزول الإشكال. فيمكن أن الله ينبئ أحدًا ولا يأمره ولا يكلفه بالإبلاغ.

وقوله: {قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ} قاتل أو قُتل، المقاتلة مفاعلة تقتضي وجود مدافعة بالقتل من الجانبين؛ وهي أعم من القتل، ولهذا

<<  <  ج: ص:  >  >>