للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٦ - الحث على الإحسان؛ لأنَّ الإحسان سبب لغاية هي غاية كل إنسان وهي محبة الله، فإذا كان سببًا لهذه الغاية العظيمة كان مأمورًا به محثوثًا عليه. ويدلكم على أن محبة الله هي الغاية أن الله قال في كتابه: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} [آل عمران: ٣١] ولم يقل: فاتبعوني تصدقوا فيما ادعيتم بل قال: {يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ}، لأن الثمرة العظيمة هي أن الله يحبك، مع أننا نضمن أنَّه من أحب الله حقا فسيحبه الله؛ لأن الله يقول: "من أتاني يمشي أتيته هرولة، ومن تقرب إلي شبرًا تقربت منه ذراعًا، ومن تقرب إلي ذراعًا تقربت منه باعًا" (١). فإذا كانت محبتك لله صادقة فإن محبة الله لك مضمونة. لكن البلاء كل البلاء أن تدَّعي المحبة وليست محبتك صادقة، يكون قلبك مشغولًا بمحابَّ أخرى كمحبة المال ومحبة الأولاد ومحبة القصور ومحبة المراكب ومحبة النساء وهكذا، هذه المحاب تضايق محبة الله في القلب، إلَّا إذا كانت تابعة لمحبته سبحانه وتعالى، ولا يقال عنا: أننا نوصد باب محبة جبلت النفوس عليها، وإنَّما نقول: محبة هذه الأشياء إذا كانت تابعة لمحبة الله صارت من محبة الله. لو أحب المال من أجل أن ينفقه في سبيل الله، كانت هذه المحبة لا تزاحم محبة الله بل تزيدها. ولو أحب النساء من أجل تكثير الأمة ومن أجل تحصين فرجه ومن أجل الفوائد التي رتبت على النكاح، كان هذا من محبة الله، لكن لمجرد قضاء الوطر تجده يتعلق


(١) رواه البخاري، كتاب التوحيد، باب قول الله تعالى: {وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ}، رقم (٧٤٠٥). ورواه مسلم، كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب الحث على ذكر الله تعالى، رقم (٢٦٧٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>