انتصروا وانهزم المشركون وصار المسلمون يجمعون الغنائم أرادوا النزول من الجبل فنازعهم أميرهم وقال لهم: امكثوا، ولكنهم أصروا على النزول فنزل أكثرهم. إذن: يكون الأمر هنا واحد الأوامر أي تنازعتم في أمر الرسول - صلى الله عليه وسلم - فمنكم من قال: نبقى امتثالًا لأمره، ومنكم من نزل اغتنامًا لكسب الغنيمة (١). والمعنيان متلازمان لأنه لما اختلفوا في أمر الرسول تنازعوا في شأنهم أي في أمرهم.
أي: وعصيتم الرسول لكن لم يذكر المفعول به كراهة لذكره حيث إنه يكون أشد وقعًا وتوبيخًا، وكأن الله عزّ وجل أراد أن يوبِّخهم بطريق لين، قال:{وَعَصَيْتُمْ} ولم يقل: عصيتم الرسول؛ لأن هذا أهون مما لو صرح به وقال:(وعصيتم الرسول) فإذا قيل: عصيتم الرسول صار أشد وقعًا في التوبيخ.
وقوله:{مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ}:
{أَرَاكُمْ} يعني من بعد ما أراكم رؤيا عين ما تحبون من النصر وهزيمة أعدائكم، وجواب الشرط على الوجه الثاني في {إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ} قال بعضهم: إن جواب الشرط (تنازعتم) والتقدير: حتى إذا فشلتم تنازعتم في الأمر وعصيتم، وعلى هذا الوجه تكون الواو زائدة.
وقال بعضهم: جواب الشرط (عصيتم) والتقدير: حتى إذا
(١) رواه البخاري، كتاب الجهاد والسير، باب ما يكره من التنازع والاختلاف في الحرب، رقم (٣٠٣٩).