للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فشلتم وتنازعتم في الأمر عصيتم من بعد ما أراكم ما تحبون. وعلى هذا الوجه تكون الواو زائدة أيضًا.

وقال بعضهم: جواب الشرط محذوف تقديره: انقسمتم قسمين: منكم من يريد الدنيا، ومنكم من يريد الآخرة.

وقال بعضهم: محذوف تقديره: حتى إذا فشلتم وتنازعتم في الأمر وعصيتم من بعد ما أراكم ما تحبون فاتكم النصر.

وقال بعضهم: الجواب محذوف قطعًا، والقول بأن الواو زائدة في (تنازعتم)، وأنه جواب الشرط، أو في (عصيتم) وأنه جواب الشرط قول ضعيف؛ لأن الحرف هنا حرف جاء لمعنى يفوت بفواته ما جاء من أجله، فالجواب إذن محذوف وفائدة حذفه: أن يذهب الذهن كل مذهب في تقديره، وكل شيء يقدر جوابًا لـ"إذا" لا ينافي المقدر الآخر، فإنه صالح، وعلى هذا ممكن أن نقول: "وعصيتم من بعد ما أراكم ما تحبون فاتكم ما تحبون، أو فاتكم النصر، أو خُذِلتم، أو انقسمتم إلى قسمين" كل هذه الاحتمالات صحيحة ولا تتنافى، فقد فاتهم النصر وانقسموا إلى قسمين، وخذلوا، وهذا من بلاغة القرآن؛ فالحذف من أجل أن يكون أشمل للمعنى وأكثر.

ثم قال تعالى: {مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ}:

(مِنْ) هنا تبعيضية أي: بعضكم يريد الدنيا، وبعضكم الآخر يريد الآخرة، فالذين نزلوا لجمع الغنائم ظاهر عليهم أنهم يريدون الدنيا، والذين ثبتوا ظاهر عليهم أنهم يريدون الآخرة، وهذا على سبيل المثال، وإلا فالأمثلة كثيرة في الذين يريدون

<<  <  ج: ص:  >  >>