قول النفس فلابد أن يقيد، كما قال الله تعالى:{وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ لَوْلَا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِمَا نَقُولُ}[المجادلة ٨]، فإذن تكون الآية دالة على أن هذا القول صادر منهم بألسنتهم.
إذا قال قائل: أنتم تقولون: إن القول إذا أطلق فهو قول اللّسان فكيف تجيبون عن قوله تعالى: {يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ}[الفتح: ١١]؟ يقال: هذا من باب التأكيد، وليقابل قول ما ليس في قلوبهم.
{هَل} هنا للاستفهام لكن المراد من الاستفهام هنا الإنكار، كأنهم يقولون: هل نحن روجعنا، هل أخذت مشورتنا، أو أنهم ينفون فيكون الاستفهام للنفي يعني يقول: ليس لنا من الأمر من شيء.
وقوله:{قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ}:
هذا يؤيد أن {هَل} بمعنى الإنكار أي أنهم ينكرون أنهم لم يرجع إليهم بشيء، فسياق الآية يدل على هذا، وأن هؤلاء أخذوا على القيادة في هذه الغزوة أنها لم تراجعهم. وقالوا: هل لنا من الأمر من شيء؟ فقال الله عزّ وجل:{قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ}. ويؤيد هذا أيضًا قوله: يقولون {لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا} يعني لو كان لنا من الأمر شيء ما حصلت هذه الهزيمة إلى آخر الآيات. فالظاهر أن الاستفهام هنا ليس للنفي كما ذهب إليه بعض المفسرين، ولكن معناه الإنكار على القيادة أنها لم تراجعهم في هذا الأمر.
{يَقُولُونَ هَلْ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ}، الأمر هنا واحد