الأمور أو واحد الأوامر؟ الأول: يعني: هل لنا من أمور الحرب شيء؟ لم يوجّه إلينا من أمر الحرب شيء، فكأنهم يريدون أن يتنصلوا مما حصل ويقولون: ما روجعنا ولا رُجِع إلينا ولا أُخِذ رأينا.
قال الله عزّ وجل:{قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ}:
فيها قراءتان:(كُلُّه) و (كُلَّه) فأيهما أرجح؟
يقال: إن كليهما راجح؛ لأنهما قراءتان سبعيتان، فإذا كانت (كلَّه) صارت كل: منصوبة على التوكيد؛ توكيد الأمر {إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ} وعلى قراءة الرفع تكون (الأمر) اسم إن، و (كل) مبتدأ و (لله) خبره، والجملة من المبتدأ والخبر: خبر إن، على كل حال هنا (الأمرَ كلَّه لله) يشمل الأمر الكوني والأمر الشرعي، فالأمر لله عزّ وجل كله هو الذي يتصرف في عباده كما يشاء حسب ما تقتضيه الحكمة، سواء كان هذا الأمر كونيًا وهو الذي يقول الله له: كن فيكون، أو شرعيًا وهو الأمر الموجه للعباد افعلوا أو لا تفعلوا، كله لله، كما أن الحكم كله لله.
قال الله تعالى:{يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ مَا لَا يُبْدُونَ لَكَ}:
{يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ} أي يضمرون في نفوسهم ما لا يبدونه للرسول - صلى الله عليه وسلم -، ولكن الله يعلمه، وهذا يعد بلا شك مما جرى من بعض الصحابة رضي الله عنهم، وهو أمر لو تركوه لكان أفضل، فلو كانوا يصارحون الرسول - صلى الله عليه وسلم - ويصالحونه لكان خيرًا من كونهم يتكلمون فيما بينهم ويخفونه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهذا ليس لجميع الصحابة بل لطائفة منهم؛ لأن المنافقين كلهم رجعوا قبل أن يصلوا إلى أُحد، فإن بقي فقد بقي ناس قليلون، لكن ظاهر الآية