للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لأن تقوى الله عزّ وَجَلَّ تستلزم الخوف منه وتعظيمه. أما النار فإن تقواها تستلزم الخوف منها فقط، لكنها ليست تقوى عبادة وإنابة وتعلق بها، بل تقوى فرار منها، وكذلك تقوى اليوم الذي نرجع فيه إلى الله، وهو يوم القيامة.

فقوله: {لِلَّذِينَ اتَّقَوْا} ينبغي أن نحملها على أعلى أنواع التقوى وأفضلها، وهي تقوى الله عزّ وَجَلَّ، لا تقوى اليوم الآخر، ولا تقوى النار؛ لأن تقوى الله تحمِل على تقوى اليوم الآخر، وعلى تقوى النار.

قال بعض العلماء في تقوى الله: أن تعمل بطاعة الله، على نور من الله، ترجو ثواب الله، وأن تترك ما نهى الله، على نور من الله، تخشى عقاب الله. وهذا يتضمن الإخلاص والعلم.

(العلم) من قوله: على نور من الله. و (الإخلاص) من قوله: ترجو ثواب الله، وتخشى عقاب الله. يعني: لا يحملك على هذا حب الدنيا أو الجاه أو الرئاسة، أو ما أشبه ذلك.

وقال بعض العلماء: إن تقوى الله أن يخلي الإنسان جميع الذنوب صغيرها وكبيرها. وعلى هذا قول الشاعر (١):

خلِّ الذنوب صغيرها ... وكبيرها ذاك التقى

واعمل كماشٍ فوق أر ... ض الشوك يحذر ما يرى

لا تحقرن صغيرة ... إن الجبال من الحصى

وقال بعض العلماء: تقوى الله عزّ وَجَلَّ: اتخاذ وقاية من عذاب الله، بفعل أوامره واجتناب نواهيه. وهذا أجمع ما قيل في التقوى.


(١) هو عبدِ الله بنُ المعتز - في ديوانه.

<<  <  ج: ص:  >  >>