للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يكون للمُهدى له، وإن قلنا بعدم صحته فإنه يذهب هدرًا؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إنما الأعمال بالنيات" (١). وعلى هذا فيقولون: إن ما جاءت به السنة من العمل للغير مستثنى من هذا العموم مثل قوله - صلى الله عليه وسلم -: "من مات وعليه صيام صام عنه وليه" (٢)، وكذلك الحج وكذلك في الصدقة، كلها جاءت بها السنة، ولكن الإمام أحمد رحمه الله يرى التعميم، أي: يرى أن الإنسان إذا عمل عملًا ونواه لشخص وهو أهل لأن يثاب، والأهل لأن يثاب هو (المسلم) فإنه يصل إليه الثواب، واستدل بعموم قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى".

والحقيقة أنك إذا تأملت الأدلة وجدت أن بعضها بينه وبين الأدلة الأخرى عموم وخصوص من وجه، فبعضها عام في أنه لا ينفع النفس إلا ما كسبت، وبعضها عام في أن الإنسان له ما نوى، والقاعدة فيما إذا تعارض نصَّان عامان أحدهما أعم من الآخر من وجه فإنه يطلب المرجح؛ لأنه لا يمكن أن ترجح عموم أحدهما على الثاني، فهنا سؤال: هل لعموم قوله: "إنما الأعمال بالنيات" ما يرجحه؟

نقول: نعم، ورد أن الصدقة تجزئ عن الميت، وأن الحج يجزئ عن الميت، وأن الصيام يجزئ عن الميت، إذن فَعُموم قوله: {مَا كَسَبَتْ} خصص بمقتضى السنة، والعام إذا خصص ضعفت دلالته على العموم، حتى إن بعض العلماء قال: إن العام إذا خصص سقطت دلالته على العموم؛ لأن تخصيصه يدل على أنه


(١) تقدم تخريجه (ص ١٠٣).
(٢) رواه البخاري، كتاب الصوم، باب من مات وعليه صوم، رقم (١٩٥٢)، ورواه مسلم، كتاب الصيام، باب قضاء الصوم عن الميت، رقم (١١٤٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>