للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والأول [١] هو المراد بقوله عليه السلام: ما خلق الله خلقا أكرم عليه من العقل.

والأخير هو المراد بقوله عليه السلام: إذا تقرّب الناس بأبواب البرّ فتقرب أنت بعقلك. وهو المراد بقول رسول الله صلّى الله عليه وسلم لأبي الدرداء رضي الله عنه: ازدد عقلا تزدد من ربك قربا فقال: بأبي أنت وأمي، وكيف لي بذلك؟ فقال:

اجتنب محارم الله، وأدّ فرائض الله تكن عاقلا، واعمل بالصالحات من الأعمال تزدد في عاجل الدنيا رفعة وكرامة وتنل من ربّك القرب والعزّ.

وعن سعيد بن المسيب أنّ عمر وأبيّ بن كعب وأبا هريرة دخلوا على رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله فقالوا: يا رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله من أعلم الناس؟ فقال: العاقل، فقالوا: فمن أفضل الناس؟ قال: العاقل، قالوا: أليس العاقل من تمّت مروءته، وظهرت فصاحته، وجادت كفّه، وعظمت منزلته؟ فقال عليه السلام: (وَإِنْ كُلُّ ذلِكَ لَمَّا مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا، وَالْآخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ)

(الزخرف: ٣٥) إنّ العاقل هو المتقي وإن كان في الدنيا خسيسا دنيّا. وقال في حديث آخر: إنما العاقل من آمن بالله، وصدّق رسله، وعمل بطاعته.

ويشبه أن يكون الاسم في أصل اللغة لتلك الغريزة وكذا في الاستعمال، وإنما أطلق على العلوم من حيث أنها ثمرتها كما يعرف الشيء بثمرته، فيقال:

العلم هو الخشية، والعالم من يخشى الله، فإنّ الخشية ثمرة العلم، فيكون كالمجاز لغير تلك الغريزة. ولكن ليس الغرض البحث عن اللغة [٢] . والمقصود أنّ هذه الأقسام الأربعة موجودة، والاسم يطلق على جميعها، ولا خلاف [٣] في وجود جميعها إلّا في القسم الأول؛ والصحيح وجودها بل هي الأصل. وهذه


[١] ح: والأولان.
[٢] م: العلة.
[٣] ع: والاختلاف.

<<  <  ج: ص:  >  >>