للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويحك إني أريد مكّة لبعض الحاج، وإنك لمن أفك النساء [١] ، وإنّ بني الديل يطلبونني بترات، فإياك أن تذكريني لأحد [من أهل مكة] حتى أصدر عنها.

فقالت: أعوذ بالله أن أذكرك لأحد من أهل مكة وأنا أعرف السبب. قال:

فخرج يوما بأم خراش [٢] وكمن لحاجته، وخرجت إلى السوق تشتري عطرا أو بعض ما يشتريه النساء من حوائجهنّ؛ فجلست إلى عطّار فمرّ بها فتيان من بني الديل، فقال أحدهما لصاحبه: أمّ خراش وربّ الكعبة، وإنها لمن أفك النساء، وإن كان أبو خراش معها فستدلّنا عليه. قال: فوقفا عليها فسلّما وأحفيا في المسألة والسلام، فقالت من أنتما بأبي أنتما، قالا: رجلان من أهلك. قالت بأبي أنتما، فإنّ أبا خراش معي فلا تذكراه لأحد، ونحن رائحون العشيّة. فخرج الرجلان فجمعا جماعة من فتيانهم وأخذوا مولى لهم يقال له مخلد، وكان من أجود الرجال عدوا، فكمنوا في عقبة على طريقه، فلما رآهم قد لاقوه في عين الشمس قال لها: قتلتني وربّ الكعبة، لمن ذكرتني؟ قالت ما ذكرتك إلّا لفتيين من هذيل، فقال لها: والله ما هما من هذيل، ولكنهما من بني الديل، وقد جلسا لي وجمعا عليّ جماعة من قومهما، فإذا جزت عليهم فإنهم لن يعرضوا لك لئلّا أستوحش فأفوتهم، فاركضي بعيرك، وضعي عليه العصا، والنجاء النجاء؛ قال: وهي على قعود عقيليّ يسبق الريح. فلما دنا منهم وقد تلثموا ووضعوا تمرا على طريقه على كساء، فوقف قليلا كأنه يصلح شيئا، وجاوزتهم أمّ خراش فلم يعرضوا لها لئلّا ينفر منهم، ووضعت العصا على قعودها. فتواثبوا إليه ووثب يعدو، قال: فزاحمه على المحجة التي يسلك فيها على العقبة ظبي، فسبقه أبو خراش، وتصايح القوم لمخلد: يا مخلد أخذا أخذا، فقال: فات الأخذ، فقالوا: ضربا ضربا، فسبق الضرب. فقالوا: رميا رميا، فسبق الرمي. وسبقت أمّ خراش إلى الحيّ فنادت: ألا إنّ أبا خراش قد قتل، فقام الحيّ إليها وقام أبوه


[١] أي من أضعفهنّ رأيا وأحمقهنّ.
[٢] ح: يوما خراشا. ع: يوم خراشا.

<<  <  ج: ص:  >  >>